الطفولة الضائعة… حين يُطفأ الحلم قبل أن يولد

حنان الصحاف

الطفولة ليست مجرد مرحلة عمرية، بل هي الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان، وتُشكّل من خلالها ملامح المستقبل. غير أن هذه المرحلة الحساسة غالبًا ما تُهدر، وتُسرق براءتها، لا فقط بسبب الفقر أو الحروب، بل – وهذا هو الأخطر – داخل البيوت، على يد الأهل أنفسهم، دون وعي أو إدراك.

ليست الطفولة ضحية الانفصال فقط

الاعتقاد السائد أن الأطفال أبناء الطلاق هم وحدهم ضحايا التفكك الأسري، لكن الحقيقة أوسع من ذلك بكثير. هناك أطفال يعيشون بين والدين تحت سقف واحد، لكنهم يتلقّون يوميًا ما يقتل طفولتهم:
صرخات، توبيخ، إهمال، حرمان عاطفي، وضرب مستمر.

حين تُطفأ ضحكة الطفل بسبب قسوة الأم أو غياب الأب، حين تُسحق أحلامه الصغيرة لأنه لم يُفهم أو يُحتوى، تبدأ الطفولة في التلاشي، وتولد شخصية مهزوزة، مشتتة، غير قادرة على مواجهة المجتمع، أو في أسوأ الحالات، تنشأ نفسٌ معقدة تتحول إلى مجرم أو ضحية أخرى.

الأم… مصدر الحنان، لا مصدر القسوة

حين تفقد الأم دورها كمصدر أمان، وتتحول إلى صوتٍ عالٍ، وعصاٍ غليظة، وصورة دائمة للتوبيخ، يصبح الطفل بلا حضن. فيتربى محرومًا من الحنان، خائفًا من التعبير عن نفسه، عاجزًا عن فهم مشاعره، مما ينعكس مستقبلاً في علاقاته، واختياراته، وثقته بنفسه.

الأب… ليس مجرد مُعيل

الأب لا يُقاس فقط بقدرته على توفير المال، بل بوجوده العاطفي، وحنانه، ودعمه لأطفاله.
هو القدوة، هو من يُشكّل ملامح الرجولة لدى الابن، ويمنح الطفلة شعورًا بالحب والاحترام، لتنشأ امرأة قوية لا تبحث عن الحنان خارج البيت، ولا تكون فريسة سهلة في مجتمع قاسٍ.

الأم + الأب = مصنع الأجيال

حين يتكامل دور الأب والأم، يُنتَج جيل سوي، واثق، متوازن، قادر على أن يكون فاعلًا في مجتمعه. لكن حين يفشل الأهل في أداء دورهم، يتحول البيت من حضنٍ دافئ إلى بيئة تُنتج جيلًا ضعيفًا، تائهًا، قد يُضيف عبئًا جديدًا على مجتمعه، بدل أن يكون ركيزة له.

الخلاصة:

الطفولة لا تُقاس بالعمر، بل بالحب الذي يُمنح، بالأمان الذي يُزرع، وبالفرح الذي يُصان. كل صرخة، كل إهانة، كل إهمال… هو طعنة في روح طفل كان يمكن أن يصبح إنسانًا عظيمًا.

فهل ننتبه قبل فوات الأوان؟
هل نُراجع سلوكنا، وندرك أن أبناءنا ليسوا ملكيتنا، بل أمانة في أعناقنا؟
الأجيال القوية لا تُصنع بالصراخ، بل بالحب، لا تُبنى

الدولية نيوز31 مايو 2025Last Update :
الطفولة الضائعة… حين يُطفأ الحلم قبل أن يولدحنان الصحاف الطفولة ليست مجرد مرحلة عمرية، بل هي الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان، وتُشكّل من خلالها ملامح المستقبل. غير أن هذه المرحلة الحساسة غالبًا ما تُهدر، وتُسرق براءتها، لا فقط بسبب الفقر أو الحروب، بل – وهذا هو الأخطر – داخل البيوت، على يد الأهل أنفسهم، دون وعي أو إدراك.ليست الطفولة ضحية الانفصال فقطالاعتقاد السائد أن الأطفال أبناء الطلاق هم وحدهم ضحايا التفكك الأسري، لكن الحقيقة أوسع من ذلك بكثير. هناك أطفال يعيشون بين والدين تحت سقف واحد، لكنهم يتلقّون يوميًا ما يقتل طفولتهم:صرخات، توبيخ، إهمال، حرمان عاطفي، وضرب مستمر.حين تُطفأ ضحكة الطفل بسبب قسوة الأم أو غياب الأب، حين تُسحق أحلامه الصغيرة لأنه لم يُفهم أو يُحتوى، تبدأ الطفولة في التلاشي، وتولد شخصية مهزوزة، مشتتة، غير قادرة على مواجهة المجتمع، أو في أسوأ الحالات، تنشأ نفسٌ معقدة تتحول إلى مجرم أو ضحية أخرى.الأم… مصدر الحنان، لا مصدر القسوةحين تفقد الأم دورها كمصدر أمان، وتتحول إلى صوتٍ عالٍ، وعصاٍ غليظة، وصورة دائمة للتوبيخ، يصبح الطفل بلا حضن. فيتربى محرومًا من الحنان، خائفًا من التعبير عن نفسه، عاجزًا عن فهم مشاعره، مما ينعكس مستقبلاً في علاقاته، واختياراته، وثقته بنفسه.الأب… ليس مجرد مُعيلالأب لا يُقاس فقط بقدرته على توفير المال، بل بوجوده العاطفي، وحنانه، ودعمه لأطفاله.هو القدوة، هو من يُشكّل ملامح الرجولة لدى الابن، ويمنح الطفلة شعورًا بالحب والاحترام، لتنشأ امرأة قوية لا تبحث عن الحنان خارج البيت، ولا تكون فريسة سهلة في مجتمع قاسٍ.الأم + الأب = مصنع الأجيالحين يتكامل دور الأب والأم، يُنتَج جيل سوي، واثق، متوازن، قادر على أن يكون فاعلًا في مجتمعه. لكن حين يفشل الأهل في أداء دورهم، يتحول البيت من حضنٍ دافئ إلى بيئة تُنتج جيلًا ضعيفًا، تائهًا، قد يُضيف عبئًا جديدًا على مجتمعه، بدل أن يكون ركيزة له.الخلاصة:الطفولة لا تُقاس بالعمر، بل بالحب الذي يُمنح، بالأمان الذي يُزرع، وبالفرح الذي يُصان. كل صرخة، كل إهانة، كل إهمال… هو طعنة في روح طفل كان يمكن أن يصبح إنسانًا عظيمًا.فهل ننتبه قبل فوات الأوان؟هل نُراجع سلوكنا، وندرك أن أبناءنا ليسوا ملكيتنا، بل أمانة في أعناقنا؟الأجيال القوية لا تُصنع بالصراخ، بل بالحب، لا تُبنى
Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News