“حين تتحول السياسة إلى نخاسة… العراق نموذجاً مريراً”

Taher Al-Saidi28 يوليو 2025Last Update :
“حين تتحول السياسة إلى نخاسة… العراق نموذجاً مريراً”

✍️ بقلم: الدكتور طاهر السعيدي

في معظم دول العالم، تُعرف “السياسة” بأنها فن إدارة المصالح العامة، وضبط الإيقاع بين الحقوق والواجبات، وتحقيق التوازن بين تطلعات الشعوب واستراتيجيات الحكومات. أما في العراق، فللسياسة وجه آخر… وجه لا يُشبه إلا سوق النخاسة القديمة، ولكن بثياب حديثة وعناوين براقة.

السياسة كما تُمارس اليوم في العراق، ليست ذلك الفن النبيل الذي يصنع الدول ويبني المستقبل، بل تحوّلت، بفعل الفساد والولاءات الطائفية والحزبية الضيقة، إلى مجرد لعبة مصالح ومزادات تُباع فيها المناصب لمن يدفع أكثر، ويُقصى فيها الكفوء ليعلو غيره بالصوت أو السلاح أو “الدينار السياسي”.

في هذا البلد المنهك، لم تعد صناديق الاقتراع تعبّر عن إرادة الشعب، بل عن صفقات تمت خلف الكواليس، وعن توازنات دولية وإقليمية تحدد من يحكم، وكيف يحكم، ولمن يقدّم الولاء.

الناخب يُخدع، والمسؤول يتنصل، والشارع يدفع الثمن.
ومن يطالب بالإصلاح، يُتهم بالتخريب. ومن يصرخ بالحق، يُسكت إما بالتهم أو بالرصاص.

النتيجة؟ دولة تتآكل من الداخل، وثقة شعب تنهار يومًا بعد يوم، وطبقة سياسية تزداد بُعدًا عن هموم الناس، واقترابًا من مصالحها الشخصية.

فأي سياسة هذه؟
وأي ديمقراطية تلك التي تُمارس فيها “النخاسة” باسم “التمثيل الشعبي”؟!

الفرق كبير، بل هائل، بين السياسة بوصفها علماً وأخلاقاً…
وبين النخاسة التي تُدار بها اليوم شؤون العراق.

وحين تُصبح الكراسي هدفاً لا وسيلة، والمناصب غنائم لا مسؤولية…
فاعلم أن السياسة ماتت، وأن “نخّاسي السلطة” باتوا هم السادة الجدد.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News